فصل: فصلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ:

قَالَ: (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا وَلَا يَلْمِسُهَا وَلَا يُقَبِّلُهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: «أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَلَا الْحَيَالَى حَتَّى يَسْتَبْرِئْنَ بِحَيْضَةٍ» أَفَادَ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْمَوْلَى، وَدَلَّ عَلَى السَّبَبِ فِي الْمَسْبِيَّةِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْجُودُ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ.
وَهَذَا، لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ التَّعَرُّفُ عَنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ صِيَانَةً لِلْمِيَاهِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَالْأَنْسَابِ عَنْ الِاشْتِبَاهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ حَقِيقَةِ الشَّغْلِ أَوْ تَوَهُّمِ الشَّغْلِ بِمَاءٍ مُحْتَرَمٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ إرَادَةُ الْوَطْءِ، وَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يُرِيدُهُ دُونَ الْبَائِعِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ الْإِرَادَةَ أَمْرٌ مُبَطَّنٌ فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى دَلِيلِهَا، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ، وَالتَّمَكُّنُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْمِلْكِ وَالْيَدِ فَانْتَصَبَ سَبَبًا وَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ تَيْسِيرًا، فَكَانَ السَّبَبُ اسْتِحْدَاثَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ الْمُؤَكَّدِ بِالْيَدِ وَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى سَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ، وَمِنْ الْمَمْلُوكِ، وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمُشْتَرَاةُ بِكْرًا لَمْ تُوطَأْ، لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَإِدَارَةِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْأَسْبَابِ دُونَ الْحُكْمِ لِبُطُونِهَا فَيُعْتَبَرُ تَحَقُّقُ السَّبَبِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الشَّغْلِ، وَكَذَا لَا يُجْتَزَأُ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا فِي أَثْنَائِهَا، وَلَا بِالْحَيْضَةِ الَّتِي حَاضَتْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا بِالْوِلَادَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لِأَنَّ السَّبَبَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ وَالْحُكْمُ لَا يَسْبِقُ السَّبَبَ، وَكَذَا لَا يُجْتَزَأُ بِالْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَا بِالْحَاصِلِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا شِرَاءً صَحِيحًا لِمَا قُلْنَا.
الشرح:
فصلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ:
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: «أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، وَلَا الْحَيَالَى حَتَّى يَسْتَبْرِئْنَ بِحَيْضَةٍ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي النِّكَاحِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ الْوَدَّاكِ عَنْ الْخُدْرِيِّ، وَرَفَعَهُ «أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ بِشَرِيكٍ، وَقَالَ: إنَّهُ مُدَلِّسٌ، وَهُوَ مِمَّنْ سَاءَ حِفْظُهُ بِالْقَضَاءِ، وَعَنْ الْحَاكِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي السِّيَرِ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مُرْسَلَةٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ دَاوُد، قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: إنَّ أَبَا مُوسَى نَهَى يَوْمَ فَتْحِ تُسْتَرَ، أَنْ لَا تُوطَأَ الْحَبَالَى، وَلَا يُشَارَكَ الْمُشْرِكُونَ فِي أَوْلَادِهِمْ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ، هُوَ شَيْءٌ قَالَهُ بِرَأْيِهِ، أَوْ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ أَنْ تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، أَوْ حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ»، انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ نِسَاءً يَوْمِ أَوْطَاسٍ، فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَقَعُوا عَلَى حَامِلٍ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا عَلَى غَيْرِ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
رَوَى أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ حَنْشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «قَامَ فِينَا خَطِيبًا، فَقَالَ: أَمَا إنِّي لَا أَقُولُ لَكُمْ إلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يَسْقِي مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ يَعْنِي إتْيَانَ الْحَبَالَى وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَّى يَقْسِمَ»، انْتَهَى.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو دَاوُد: الْحَيْضَةُ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ التَّاسِعِ وَالْمِائَةِ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَيُرَاجَعُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُوطَأَ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ، أَوْ الْحَائِلُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ الْجُنْدِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، أَوْ حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ»، انْتَهَى.
(وَيَجِبُ فِي جَارِيَةٍ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا شِقْصٌ فَاشْتَرَى الْبَاقِيَ)، لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَمَّ الْآنَ، وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى تَمَامِ الْعِلَّةِ، وَيُجْتَزَأُ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي حَاضَتْهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ بِأَنْ كَاتَبَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ أَوْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ لِوُجُودِهَا بَعْدَ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، إذْ هُوَ مُقْتَضٍ لِلْحِلِّ وَالْحُرْمَةُ لِمَانِعٍ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ.
(وَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا رَجَعَتْ الْآبِقَةُ أَوْ رُدَّتْ الْمَغْصُوبَةُ أَوْ الْمُؤَاجَرَةُ أَوْ فُكَّتْ الْمَرْهُونَةُ) لِانْعِدَامِ السَّبَبِ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، وَهُوَ سَبَبٌ مُتَعَيِّنٌ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ كَتَبْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ حُرِّمَ الدَّوَاعِي لِإِفْضَائِهَا إلَيْهِ، أَوْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ عَلَى اعْتِبَارِ ظُهُورِ الْحَبَلِ وَدَعْوَةِ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ الْحَائِضِ، حَيْثُ لَا تَحْرُمُ الدَّوَاعِي فِيهَا، لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ الْوُقُوعُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَلِأَنَّهُ زَمَانُ نَفْرَةٍ، فَالْإِطْلَاقُ فِي الدَّوَاعِي لَا يُفْضِي إلَى الْوَطْءِ، وَالرَّغْبَةُ فِي الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَصْدَقُ الرَّغَبَاتُ فَتُفْضِي إلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّوَاعِيَ فِي الْمَسْبِيَّةِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ، لِأَنَّهَا لَا يُحْتَمَلُ وُقُوعُهَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْحَرْبِيِّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَاةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
(وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي الْحَامِلِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ) لِمَا رَوَيْنَا (وَفِي ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ بِالشَّهْرِ)، لِأَنَّهُ أُقِيمَ فِي حَقِّهِنَّ مَقَامَ الْحَيْضِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ.
(وَإِذَا حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهِ بَطَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْأَيَّامِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ، فَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا تَرَكَهَا حَتَّى إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَقَعَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ: يَتَبَيَّنْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَعَنْهُ: شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا بِعِدَّةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي الْوَفَاةِ، وَعَنْ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَتَانِ)، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِيَالِ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَقَدْ ذَكَرْنَا الْوَجْهَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ، وَالْمَأْخُوذُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي طُهْرِهَا ذَلِكَ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا قَرَبَهَا، وَالْحِيلَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَ الْمُشْتَرِي حُرَّةٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا، وَلَوْ كَانَتْ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا وَيَقْبِضَهَا، أَوْ يَقْبِضَهَا ثُمَّ يُطَلِّقُ الزَّوْجَ، لِأَنَّ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ الْمُؤَكَّدِ بِالْقَبْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَرْجُهَا حَلَالًا لَهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ حَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَانُ وُجُودِ السَّبَبِ كَمَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ.
قَالَ: (وَلَا يَقْرَبُ الْمُظَاهِرُ وَلَا يَلْمِسُ وَلَا يُقَبِّلُ وَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ حَتَّى يُكَفِّرَ)، لِأَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ الْوَطْءُ إلَى أَنْ يُكَفِّرَ حَرُمَ الدَّوَاعِي لِلْإِفْضَاءِ إلَيْهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ سَبَبَ الْحَرَامِ حَرَامٌ كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ، وَفِي الْمَنْكُوحَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، بِخِلَافِ حَالَةِ الْحَيْضِ وَالصَّوْمِ، لِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْتَدُّ شَطْرَ عُمْرِهَا وَالصَّوْمُ يَمْتَدُّ شَهْرًا فَرْضًا وَأَكْثَرُ الْعُمُرِ نَفْلًا فَفِي الْمَنْعِ عَنْهَا بَعْضُ الْحَرَجِ وَلَا كَذَلِكَ مَا عَدَدْنَاهَا لِقُصُورِ مُدَدِهَا وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُضَاجِعُ نِسَاءَهُ وَهُنَّ حُيَّضٌ».
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُقَبِّلُ نِسَاءَهُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُضَاجِعُهُنَّ وَهُنَّ حُيَّضٌ».
قُلْت: هُمَا حَدِيثَانِ فَالْأَوَّلُ: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ الْأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجُوهُ إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ فِي شَهْرِ الصَّوْمِ»، انْتَهَى.
وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ» انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُقَبِّلُهَا، وَهُوَ صَائِمٌ، وَيَمُصُّ لِسَانَهَا»، انْتَهَى.
وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بَابُ الصَّائِمِ يَبْتَلِعُ الرِّيقَ، وَهُوَ مُنَازَعٌ فِي ذَلِكَ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَصِّ الِابْتِلَاعُ، فَقَدْ يُمْكِنُ أَنَّهُ يَمُصُّهُ وَيَمُجُّهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَيَمُصُّ لِسَانَهَا لَا يَقُولُهُ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ أَيْضًا: بَصَرِيٌّ ضَعِيفٌ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ ابْنَ دِينَارٍ، وَابْنَ أَوْسٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي دَاوُد، قَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ صَحِيحٍ انْتَهَى كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ.
وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ بِمِصْدَعٍ فَقَطْ، وَقَالَ: قَالَ السَّعْدِيُّ: كَانَ مِصْدَعٌ زَائِغًا حَائِدًا عَنْ الطَّرِيقِ يَعْنِي فِي التَّشَيُّعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ: مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، وَمِصْدَعٌ ضُعَفَاءُ بِمُرَّةَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ أَيْضًا عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ، ثُمَّ يُضَاجِعُهَا»، وَفِي لَفْظٍ: «ثُمَّ يُبَاشِرَهَا»، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعَةٌ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ حِضْت، فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي، فَقَالَ: أَنَفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَعَانِي، فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ»، انْتَهَى.
قَالَ: (وَمَنْ لَهُ أَمَتَانِ أُخْتَانِ فَقَبَّلَهُمَا بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا يُقَبِّلُهَا وَلَا يَمَسُّهَا بِشَهْوَةٍ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ، حَتَّى يَمْلِكَ فَرْجَ الْأُخْرَى غَيْرُهُ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ يَعْتِقَهَا) وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ لَا يَجُوزُ وَطْئًا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} وَلَا يُعَارَضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لِلْمَحْرَمِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الدَّوَاعِي لِإِطْلَاقِ النَّصِّ، وَلِأَنَّ الدَّوَاعِيَ إلَى الْوَطْءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ فِي التَّحْرِيمِ عَلَى مَا مَهَّدْنَاهُ مِنْ قَبْلُ، فَإِذَا قَبَّلَهُمَا فَكَأَنَّهُ وَطِئَهُمَا، وَلَوْ وَطِئَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَامِعَ إحْدَاهُمَا، وَلَا أَنْ يَأْتِيَ بِالدَّوَاعِي فِيهِمَا، فَكَذَا إذَا قَبَّلَهُمَا، وَكَذَا إذَا مَسَّهُمَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهِمَا بِشَهْوَةٍ لِمَا بَيَّنَّاهُ، إلَّا أَنْ يَمْلِكَ فَرْجَ الْأُخْرَى غَيْرُهُ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ يَعْتِقَهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا حَرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُهَا لَمْ يَبْقَ جَامِعًا، وَقَوْلُهُ: بِمِلْكٍ أَرَادَ بِهِ: مِلْكَ يَمِينٍ فَيَنْتَظِمُ التَّمْلِيكَ بِسَائِرِ أَسْبَابِهِ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ، وَتَمْلِيكُ الشِّقْصِ فِيهِ كَتَمْلِيكِ الْكُلِّ، لِأَنَّ الْوَطْءَ يَحْرُمُ بِهِ وَكَذَا إعْتَاقُ الْبَعْضِ مِنْ إحْدَاهُمَا كَإِعْتَاقِ كُلِّهَا وَكَذَا الْكِتَابَةُ كَالْإِعْتَاقِ فِي هَذَا لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الْوَطْءِ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَبِرَهْنِ إحْدَاهُمَا وَإِجَارَتِهَا وَتَدْبِيرِهَا لَا تَحِلُّ الْأُخْرَى، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ أَرَادَ بِهِ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ أَمَّا إذَا زَوَّجَ إحْدَاهُمَا نِكَاحًا فَاسِدًا لَا يُبَاحُ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِهَا فِيهِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا، وَالْعِدَّةُ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي التَّحْرِيمِ، وَلَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا حَلَّ وَطْءُ الْمَوْطُوءَةِ دُونَ الْأُخْرَى، لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَامِعًا بِوَطْءِ الْأُخْرَى لَا بِوَطْءِ الْمَوْطُوءَةِ وَكُلُّ امْرَأَتَيْنِ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِكَاحًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْأُخْتَيْنِ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ) وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَانَقَ جَعْفَرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ». وَلَهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «نَهَى عَنْ الْمُكَامَعَةِ وَهِيَ الْمُعَانَقَةُ، وَعَنْ الْمُكَاعَمَةِ وَهِيَ التَّقْبِيلُ»، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ، قَالُوا: الْخِلَافُ فِي الْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ جُبَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: رُوِيَ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَانَقَ جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ، وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ».
قُلْت: رُوِيَ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا: أَمَّا الْمُسْنَدُ: فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إلَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ مِنْهَا اعْتَنَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ».
قَالَ الْحَاكِمُ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَا غُبَارَ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْفَضَائِلِ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ الْحَبَشَةِ، فَتَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَفْرَحُ، بِفَتْحِ خَيْبَرَ، أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ؟»، انْتَهَى.
وَسَكَتَ عَنْهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ سُفْيَانَ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: هَذَا مُرْسَلٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي بَابِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْعَلَوِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِيرُونِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَيْبَةَ حَدَّثَنِي مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ الرُّعَيْنِيُّ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: فِي إسْنَادِهِ إلَى الثَّوْرِيِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّبِيعِيُّ ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعُرَنِيّ ثَنَا أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَرِّحٍ الْحَرَّانِيِّ ثَنَا عَمِّي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسَرِّحٍ ثَنَا مَخْلَدٍ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَقَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: مَا أَدْرِي إنَّا بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَسَرُّ، أَوْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ؟»، انْتَهَى.
وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْهَا «قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ خَرَجَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَانَقَهُ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ، وَأَصْحَابُهُ اسْتَقْبَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ»، انْتَهَى.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَدِيٍّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَرَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيِّ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيِّ عَنْهُ، وَخَالَفَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا الْمُرْسَلُ: فَعَنْ الشَّعْبِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ.
فَحَدِيثُ الشَّعْبِيِّ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّى جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَالْتَزَمَهُ، وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ فِي مَرَاسِيلِهِ أَيْضًا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ بِهِ، مِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.
وَحَدِيثُ ابْنِ جَعْفَرٍ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي يُونُسَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ الْحَبَشَةِ أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: مَا أَنَا بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَشَدُّ فَرَحًا مِنِّي بِقُدُومِ جَعْفَرٍ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، انْتَهَى.
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالسِّتِّينَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدَانَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ ثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيُّ ثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ الْحَبَشَةِ اسْتَقْبَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَ شَفَتَيْهِ».
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ، وَالْمَعْرُوفُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: فِي الْبَابِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ، فَقَامَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرْيَانًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ، وَاَللَّهِ مَا رَأَيْته عُرْيَانًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، قَالَتْ: «بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قِرْفَةَ، جَهَّزَتْ ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنْ وَلَدِهَا، وَوَلَدِ وَلَدِهَا، وَقَالَتْ: اذْهَبُوا إلَى الْمَدِينَةِ فَاقْتُلُوا مُحَمَّدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَثْكِلْهَا بِوَلَدِهَا، وَبَعَثَ إلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي بَعْثٍ، فَالْتَقَوْا، فَقَتَلَ زَيْدٌ بَنِي فَزَارَةَ، وَقَتَلَ أُمَّ قِرْفَةَ وَوَلَدَهَا، فَأَقْبَلَ زَيْدٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ»، الْحَدِيثَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: «أَسْلَمَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّحَّامِ بَعْدَ عَشَرَةٍ، وَكَانَ يَكْتُمُ إسْلَامَهُ، ثُمَّ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ فِي أَرْبَعِينَ نَفَرًا مِنْ أَهْلِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ»، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْمُكَامَعَةِ، وَهِيَ الْمُعَانَقَةُ، وَعَنْ الْمُكَاعَمَةِ، وَهِيَ التَّقْبِيلُ».
قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي النِّكَاحِ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ الْهَيْثَمِ عَنْ عَامِرٍ الْحَجَرِيِّ، قَالَ: «سَمِعْتُ أَبَا رَيْحَانَةَ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُهُ: شَمْعُونٌ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مُكَامَعَةِ، أَوْ مُكَاعَمَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، وَعَنْ مُكَامَعَةِ، أَوْ مُكَاعَمَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ»، انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي أَوَّلِ غَرِيبِهِ حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْمُكَاعَمَةِ وَالْمُكَامَعَةِ»، انْتَهَى.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَالْمُكَاعَمَةُ: أَنْ يَلْثِمَ الرَّجُلُ فَاهَ صَاحِبِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ كَعَامِ الْبَعِيرِ، وَهِيَ أَنْ يَشُدَّ فَاهُ إذَا هَاجَ، وَالْمُكَامَعَةُ أَنْ يُضَاجِعَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ قِيلَ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ كَمِيعٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَخْرَجَ مِنْهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ حَدِيثَ الْمُكَامَعَةِ فَقَطْ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي اللِّبَاسِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الزِّينَةِ: عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شُفَيٍّ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَشَرَةٍ: عَنْ الْوَشْرِ، وَالْوَشْمِ، وَالنَّتْفِ، وَمُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَمُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ حَرِيرًا، مِثْلُ الْأَعَاجِمِ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا، وَعَنْ النَّهْيِ، وَرُكُوبِ النُّمُورِ، وَلَبُوسِ الْخَاتَمِ إلَّا لِذِي سُلْطَانٍ»، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّمِ، سَوَاءً: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ»، انْتَهَى.
وَأَخْطَأَ الْمُنْذِرِيُّ فِي عَزْوِهِ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ لِابْنِ مَاجَهْ وَلَكِنَّهُ قَلَّدَ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ حَدِيثِ حَنْظَلَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ السَّدُوسِيِّ عَنْ أَنَسٍ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَيَأْخُذُهُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ، وَكَانَ قَدْ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، ذَكَرَهُ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ.
أَحَادِيثُ الْإِبَاحَةِ: مِنْهَا مَا فِي حَدِيثِ الْإِفْك، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَائِشَةَ: قُومِي، فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَدِيثَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَادِ وَالْأَدَبِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْجِهَادِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَدَبِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ قِصَّةً، قَالَ: فَدَنَوْنَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلْنَا يَدَهُ».
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ مَاجَهْ الْقِصَّةَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: «مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا، وَدَلًّا، وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ ابْنَتِهِ، قَالَتْ: وَكَانَتْ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، قَامَ إلَيْهَا فَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَحَلِّهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا، قَامَتْ إلَيْهِ، فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَحَلِّهَا»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي السِّيَر، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَدَبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ «أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْيَهُودِ قَبَّلُوا يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَيْهِ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَكَانَ إنْكَارُهُ لَهُ مِنْ جِهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ، فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنُ الطَّبَّاعِ عَنْ مَطَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْنَقِ حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بْنِ زَارِعٍ عَنْ جَدِّهَا الزَّارِعِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، وَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ»، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا مَطَرٌ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْجَنَائِزِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَهُوَ مَيِّتٌ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَهُ، ثُمَّ بَكَى، حَتَّى رَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَى وَجْنَتَيْهِ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: إنَّ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يَحْتَجَّا بِعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَعَائِشَةَ: «أَنَّ الصِّدِّيقَ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ»، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي الْفَضَائِلِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ: سَنَدُهُ وَاهٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: «بَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ يُضْحِكُهُمْ، وَكَانَ فِيهِ مِزَاحٌ، فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ، فَقَالَ: أَصْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اصْطَبِرْ، قَالَ: إنَّ عَلَيْك قَمِيصًا، وَلَيْسَ عَلِيَّ قَمِيصٌ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَمِيصِهِ فَاحْتَضَنَهُ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْبِرِّ وَالصِّلَةِ عَنْ صَالِحِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِي شَيْئًا أَزْدَدْ بِهِ يَقِينًا، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ، فَادْعُهَا، فَذَهَبَ إلَيْهَا، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ، فَجَاءَتْ حَتَّى سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَهَا: ارْجِعِي، فَرَجَعَتْ، قَالَ: ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا»، انْتَهَى.
وقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ، فَقَالَ: صَالِحُ بْنُ حِبَّانَ مَتْرُوكٌ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَ: لَا يُعْلَمُ فِي تَقْبِيلِ الرَّأْسِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
وَأَعْجَبُ مِنْهُ كَيْفَ غَفَلَ عَنْ حَدِيثِ الْإِفْكِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُقْرِئِ جُزْءًا فِي الرُّخْصَةِ فِي تَقْبِيلِ الْيَدِ، ذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ وَآثَارًا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ)، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَارَثُ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ صَافَحَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَحَرَّكَ يَدَهُ تَنَاثَرَتْ ذُنُوبُهُ».
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّلَاثُونَ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ صَافَحَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، وَحَرَّكَ يَدَهُ، تَنَاثَرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ».
قُلْت: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر ثَنَا مُوسَى بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سُوَيْد الْجُمَحِيِّ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ يَعْقُوبَ الْخَرِيقِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ، تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا، كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالسِّتِّينَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ ثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ سَوَاءً، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِي، وَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا بَرَاءُ أَتَدْرِي لِمَ أَخَذْتُ بِيَدِكَ؟ قَالَ: خَيْرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: لَا يَلْقَى مُسْلِمٌ مُسْلِمًا، فَيُرَحِّبُ بِهِ، وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ إلَّا تَنَاثَرَتْ الذُّنُوبُ بَيْنَهُمَا، كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرُ»، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْمُصَافَحَةِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ، إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْأَجْلَحُ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو حُجِّيَّةَ، فِيهِ مَقَالٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَك عَنْ حَدِيثٍ، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَافِحُكُمْ إذَا لَقِيتُمُوهُ؟ قَالَ: مَا لَقِيْتُهُ قَطُّ إلَّا صَافَحَنِي، مُخْتَصَرٌ، وَفِيهِ مَجْهُولٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْهُ، فَلَمْ يَعُدَّهُ مَحْفُوظًا. انْتَهَى.
وَفِيهِ أَيْضًا مَجْهُولٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مِنْ تَمَامِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ أَنْ يَضَعَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، وَمِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْمُصَافَحَةُ»، انْتَهَى.
وَقَالَ: إسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ. انْتَهَى.
الْآثَارُ: فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَقَامَ إلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي، وَهَنَّأَنِي، وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَكَانَتْ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، انْتَهَى.